المُعجِزةُ كَفِعلٍ تَجاوزِيّ

شارك الموضوع :

منَ المعلومِ أنَّ لفظَ "المُعجِزة" لم يَرِدْ في القرآنِ، وأنَّ لفظَ المُعجِزة هو مُصطلَحٌ نحتَهُ المُتكلِّمونَ، وقَصدوا به ما عُبِّرَ عنه في القرآنِ بكلمةِ "آية"، التي أُريدَ منها تلكَ العَلامةُ التي تُشكِّلُ دَليلاً على صِدقِ دَعوى النبيِّ.

فلماذا احتاجَ ادِّعاءُ النُّبوّةِ علامةً؟ 

إنَّ النبيَّ يدَّعي وجودَ علاقةٍ بعالَمِ الغَيبِ، ولا شكَّ أنَّ مثلَ هذا الادِّعاءِ يَحتاجُ إلى إثباتٍ؛ إذ لا يَكفي فيه مُجرَّدُ الدَّعوى، وإلا لم يكنْ بالمَقدورِ تَمييزُ الصّادقِ من الكاذبِ؛ مِن هنا كانَتِ المُعجزةُ هي الدَّليل على صِدقِ كلِّ نبيٍّ في دَعواهُ تلك. وقد عبَّرَ العُلماءُ عن الآيةِ بالمُعجزةِ، باعتبارِ أنَّ المُعجِزةَ عملٌ يَعجِزُ بقيّةُ النّاسِ عن الإتيانِ بمِثلِه. وقد تحدَّى الأنبياءُ عليهم السَّلامُ أُممَهم بأن يَأتوا بمِثلِها، فلم يَستطيعوا ذلكَ، فتكونُ المُعجِزةُ أو الآيةُ قد أظهرَت عَجزَهُم.

والواقعُ أنَّ الحديثَ عن المُعجِزةِ مُتشعِّبٌ، وقد كثرَ في الآونةِ الأخيرةِ من ناحيتَينِ: 

الأولى: في الدِّراساتِ الغربيّةِ، سواءٌ تلكَ المُتعلِّقةُ بنَقدِ الكتابِ المُقدَّسِ، أو التي تُحاولُ نقدَ المُعجزةِ من ناحيةِ الفَلسفةِ المادِّية. 

والثانية: في بعض الدِّراساتِ العَربيّةِ الحَداثِيّةِ، التي ذهبَ أصحابُها في سبلٍ شتَّى، لا سيَّما ذلكَ التيّارُ الذي سَعى لإنكارِها، مُنطلِقًا من عدمِ ذِكرِ القرآنِ لأيِّ مُعجِزةٍ حسِّيةٍ جاءَ بها النبيُّ محمَّد (ص)، شَبيهةٍ بمُعجراتِ الأنبياءِ السّابقينَ.

اضافةتعليق


ذات صلة

مجلة «اعتقاد للدراسات الكلامية وفلسفة الدين » (Eitiqad For Kalām Studies & Religion's Philosophy )، مجلة علمية فصلية مُحكّمة، تصدر عن «مركز براثا للدراسات والبحوث» في بيروت.
جميع الحقوق محفوظة © 2023, اعتقاد للدراسات الكلامية وفلسفة الدين