لقد كان يَرَى هؤلاء الحُكماء بأنَّ البشرَيَّة عليها أن تبدأ مسارها وحركتها من مقام البرزخ النُّزولي، وتَعبُرَ من العالم المادّيّ بكَثرَاته، وتَطوي حياتها التَّكامليَّة وحركتها التَّصاعُديَّة بإرادتها واختيارها نحو عالم العقل ووحدته، لذلك -حسب التعبير القرآني- لقد بدأ آدم(ع) سيرورته الأرضيَّة من الجنَّة البرزخيَّة، وفي تلك الجنَّة تلقَّى التَّعليمات المَبدئيَّة وتعلَّمها، من قبيل الأسماء الإلهيَّة وحقيقة مقام الخلافة الإلهيَّة، وكونه مسجودًا للملائكة، ليستفيد منها في حياته على الأرض، وقد تعرَّف كذلك على الوَساوس الشَّيطانيَّة، وأدرك مدى عداوة إبليس الشَّديدة لمقام الإنسانيَّة، ثمَّ أُهبِطَ محمَّلًا بهذه التَّعاليم والثَّروة إلى الأرض. وبالتَّالي، فإنَّ حُضورَ آدم في الجنَّة كان بناءً على مصلحةٍ عظيمةٍ تسمو به كمالًا، وينبغي له أن يستقر في ملكوت هذا العالَم ليهبط بعد ذلك خارجه.
اضافةتعليق