فبينما مضى (العِلمُ) في تَطوُّرِهِ التِّقنيِّ بوتيرةٍ فائقةٍ، تَراجَعَتِ المنظومةُ الخُلُقيَّةُ التي تُؤَطِّرُهُ، ما أَدَّى إلى حالةٍ من الانفِصالِ بين التَّقدُّمِ المعرفيِّ والوعيِ الإنسانيِّ.
ومن هذا المُنطلَقِ، تَنبثِقُ أَهمِّيَّةُ هذهِ الدِّراسةِ في قُدرَتِها على مُساءَلَةِ الأُسُسِ الفَلسفيَّةِ التي بُنيَتْ عليها العلاقةُ بين الحَقلَين، واقتِراحِ مَساراتٍ جديدةٍ تُـمَكِّنُ من تأسيسِ رُؤيةٍ تَكامُليَّةٍ تُعيدُ التَّوازُنَ بينَ العَقلِ والقِيَمِ.
وينبثِقُ عن هذا التَّوجُّهِ تساؤلٌ مَحوريٌّ، وهو:
إلى أَيِّ مَدًى يُمكِنُ أَنْ يُسْهِمَ التَّكامُلُ بينَ المرجعيَّةِ الدِّينيَّةِ والمَنهجيَّةِ العِلميَّةِ في بَلْوَرَةِ نَموذجٍ خُلُقيٍّ مُعاصِرٍ، قادِرٍ على مُعالجةِ الأَزْمةِ الخُلُقيَّةِ التي تُعاني منها المُمارَسَةُ العِلميَّةُ في العَصرِ الرَّاهِنِ؟
وتَكشفُ النَّتيجةُ الأوَّليَّةُ عن أنَّ الأَزْمةَ الخُلُقيَّةَ في (العِلمِ) لا تَنبُعُ من نَقصٍ في المَعرِفةِ، بل من غِيابِ التَّوجِيهِ القِيَميِّ الذي يُحسِنُ استخدامَ تلكَ المَعرِفةِ.
اضافةتعليق