فقد أنتج العقلُ البشريُّ كثيرًا من التساؤلات والأفكار والنظريات التي حاولت أن تشرح معنى هذا المصطلح، وتُقدِّمَ الإجاباتِ الشّافية لأسئلة الإنسان المُلِحّة بهذا الخصوص؛ فربَّما وجدنا الكثيرَ من الأفكار التي تُصوِّر الإلهَ بتصوير إنسانيٍّ، بمعنى أن الإنسان قد تصوَّرَ إلهَه بمعايير السَّواء والكمال نفسِها التي وَجد عليها الكونَ والطبيعة والمجتمع: فإلهُ الزنوج زنجيٌّ، وإلهُ البيض أبيضُ، ... حتى قيل إنه لو تسنَّى للحيوانات أن تُصوِّر الإلهَ لَصوَّرته على هيئتها نفسِها، وتطوَّر هذا المفهومُ لِتنسحبَ صفاتُ الإله وأعمالُه على الإنسان نفسه، كما أُضيفت صفاتُ الألوهية على بشرٍ مُعيَّنين كما حصل مثلًا في الحضارات القديمة، مثل تأليه الفِرعون في الحضارة المصرية القديمة، وغير ذلك من الأمثلة ...
أمَّا في الديانات السماوية فقد تمَّت مقاربةُ الموضوع من أبعاد أخرى، وتراوحَت الأفكارُ حوله بين التَّنزيه والتَّشبيه والحُلول و... غيرها. وعلى الرغم من ذلك، فلا بدَّ لنا من الإقرار بأن مفهوم التَّنزيه هو الأساس الذي قامت عليه الأديانُ السَّماوية بوصفها أديانًا توحيدية، تنظر إلى الإله بصورةِ المُفارِقِ، الذي لا نظيرَ له ولا شبيهَ، وليس كمثله شيءٌ، وفي هذا البحث سنحاول أن نُلقي الضَّوء على الظروف والأحوال والأفكار التي لَوِّثَت مفاهيمَ التَّوحيد والتَّنزيه وأخرجته عن إطاره الفطريِّ الصَّحيح.
اضافةتعليق