فاتخذت من النزعة العلمية والذكاء العالي مقياسًا لتطوير شعبها، وعلامة على نهوضه. وكيف أنّها أصرّت اعتماد البراغماتية النفعية، تارة تأثّرًا بمذهب النفعية البريطاني، وتارة بصورتها المشوّهة، كما أحبّ مريدوها أنْ يطلقوا عليها. وقد قدم الفيلسوف الأميركي (جون ديوي-John Dewey) براغماتية إصلاحية، نافيًا ما هو دخيل عليها، كقِيَم الفردانية والنفعية الضيقة، والغاية تبرّر الوسيلة، محاولًا أن يقدّم براغماتية تختلف عن سابقاتها في وسع دائرة النفعية القِيَمية وضيق أطرها، لتشمل المجتمع باعتبارها قِيمة تقدّمية تسعى للخير العام. وقدّم الديمقراطية على كلّ ما عداها، خشية صعود الفاشية والستالينية، التي كانت تطلّ برأسها في أوروبا قُبَيل الحربين العالميتين.
ويكشف البحث كيف أن هذه الإصلاحات لم تستطع الصمود أمام ما تطمح له الإدارة الأميركية المتعاقبة، فضلًا عن أنّ برغماتية (ديوي) تحمل بذور قصورها وتناقضها منذ النشأة. بل تعاظمت القِيَم النفعية الأحادية على امتداد العقود اللاحقة، مع إقرار مُفكّري المجتمع الأميركي المعاصر، بوجود هُوّة سحيقة بين سلطة الولايات المتحدة، وبين مواطنيها ومطالبهم المُحقّة للإنسان الأميركي.





التعليقات