رأى كثيرون، في الفضاءِ الغربيِّ خاصَّة، أنَّ وجودَ الشَّرِّ يتناقضُ مع صفاتِ الله في القدرةِ والعدلِ والرَّحمةِ، فيما ذهبَ آخرون إلى التَّشكيكِ في وجودِ الله ذاتِه. لكنَّ فلاسفةً ولاهوتيِّين آخرين رفضوا هذا الاتجاهَ في التَّفكيرِ وأكَّدوا أنَّ هذا ليس إلَّا محاولةً لتبرئةِ الإنسانِ من ظلمِه وفسادِه وجرائمِه، ولا يوجد تناقضٌ بين المسألتين. وكان الفلاسفةُ والمتكلِّمون المسلمون قد تناولوا هذه المعادلةَ ووصلوا إلى حقيقةِ أنَّ الشَّرَّ في العالمِ لا يمكنُ أن يكونَ سببًا لإنكارِ الخالقِ، بل لعلَّه يؤكدُ وجودَه وقدرتَه وحكمتَه، وأنَّ الإنسانَ هو المسؤولُ عن الشَّرِّ الخُلُقيِّ الذي يرتكبُه بإرادتِه الحرَّة.
تكمنُ أهمَّيةُ طرحِ المشكلةِ ومعالجتِها بطريقةٍ عقلانيَّةٍ في تأثيرِ المعتقداتِ في الممارساتِ لدى الإنسانِ. فكلَّما كان المعتقدُ فارغًا من القيمِ الخُلُقيَّةِ والروحانيَّاتِ، كان السلوكُ مماثلًا له. كان الفلاسِفةُ واللاهوتيُّون على وعيٍ بأنَّ الفشلَ في تحقيقِ هذا التَّوفيقِ يكرِّس الاتجاهَ نحو الإلحادِ واللا دينيَّةِ، وكلِّ ما ينتجُ من تداعياتٍ في الواقعِ، أمَّا الوصولُ إلى صيغٍ منطقيَّةٍ لحلِّ مشكلةِ الشَّرِّ في العالمِ فيكرِّسُ الإيمانَ ويكشفُ قدرةَ الإنسانِ، إذا حقَّقَ ذلك، على مواجهةِ الأسئلةِ الحارَّةِ، وإيقافِ الممارساتِ الخاطئة.
التعليقات