إنَّها الهِدايةُ التي لا يُعكِّرُها الشَّكُّ، ولا تُخالطُها الأوهام، ولا يتسرَّبُ إلى محتواها شيءٌ من الخطأ، وذلك يَعود لأمرينِ: أوَّلُهما أنَّها من الله تعالى، والثّاني أنَّ اللُّطفَ الإلهيَّ يَقتضي تزويدَ الإنسانِ بمعرفةٍ ثابتةٍ يَركنُ إليها، ويطمئِنُّ إلى صدقيّتِها، ويتلقّاها عقلُه ووجدانُه بالاقتناعِ والرِّضا.
إنَّها الهِدايةُ التي بها عرفَ الإنسانُ ربَّهُ، وعنها صدرَ في مَعاشِه وعِبادتِه، وإليها توجَّهَ في فِكرِهِ واجتهادِهِ، ولها أخلصَ في نيّتِهِ وأعمالِه. إنَّها الهِدايةُ التي لا يَعلوها هُدًى، والنُّورُ الذي ما بعدَهُ نورٌ، والحِكمةُ التي لا يُخمِدُ جِدَّتَها تَطاوُلُ الزَّمانِ وتَعاقُبُ الأيّامِ.
باقيةٌ مُزهرةٌ في رياضِ العقولِ والنُّفوسِ، ثابتةٌ شامخةٌ في قِمَم الأدلّةِ والبَراهين، تتجاذَبُ سِحرَها الكواكبُ والنُّجوم، وتتلطَّفُ لمُبتغيها لتكونَ كالثَّمرةِ في الغصنِ القريب، وكالوردةِ التي تدعو بنضارتها وعِطرِها أصحابَ الذَّوقِ الرَّفيع، وأربابَ القلوب الصافية، التي تَعالَت على الجَدَلِ والشَّحناءِ، وتوجَّهَت بآياتِ الكونِ الفَسيح إلى الخالق العظيم، دون التفاتٍ إلى ما سواه.
إنَّها الهِدايةُ الجامعةُ للخير والفَضائلِ، المصبوغةُ بالصِّدقِ والكمال، التي لو تسرَّبَ إليها احتمالُ الخطأ لاحتاجَ الإنسانُ إلى معرفةٍ أعلى منها، وهيهات أن يتسرَّب إليها الخَطأ، ومصدرُها هو الله تعالى، وحاملُها روحُ القُدس، ومُتلقِّيها النبيُّ المَعصوم، الصّادقُ الأمين.
اضافةتعليق